Our Meeting

يافا هي جزء من الفردوس الفلسطيني المفقود، عطرها البرتقال وصديقة البحر وعاصمة الثقافة الفلسطينية والصحافة، إليها كان يأتي القادمون للأرض المقدسة وفيها كانت تصدر الصحافة ويصنع الرأي العام، وفي مقاهيها كانت السياسة والثقافة تمتزج.
هي قصة الحداثة التي لم تكتمل بسبب الانتداب والإحتلال والتشريد للفلسطينيين. ويافا هي المدينة التي كانت تحج كل عام إلى النبي روبين، وكانت المرأة اليافاوية تنتظر هذا الموسم على أحر من الجمر وتهدد زوجها بالقول ‘يا بتروبني يا بطلقني’. ولكن يافا هي قصة البرتقال الذي كان يصدر لمصر وأوروبا وكانت المدينة تصدر منه الملايين. وفي قصة يافا تمتزج المرارة بالحزن، وتحضر معها كلما ذكر اسمها في كل الأزمنة التي أعقبت احتلالها وسقوطها. ورغم أن الفلسطينيين استعادوا يافا وقصتها في روايات وكتب ومواد بصرية وأغنيات والاف الصفحات وملايين الكلمات التي تحدثت عن مدينة هاجمها البرابرة وكما يفعل الغزاة البدائيون دمروا وحروقوا وقتلوا ونهبوا وطردوا سكانها إلا انها تظل مثل بقية مدن الفردوس المفقود مكانا للحنين والنوستالجيا ومحلا لشهوة الكتابة وإغراء لمغامرة البحث.
البداية مذبحة
بدأت قصة يافا الحديثة بمذبحة ارتكبتها قوات نابليون بونابرت في 6 آذار (مارس) 1799 وقدر مؤرخ حملة نابليون على مصر عبدالرحمن الجبرتي عدد القتلى من أهل يافا بحوالى 4.000 الاف شخص، لم تستسلم مدينة يافا للقوات الغازية ولكنها صمدت وقاومت، وبعد نهب المدينة والعبث بممتلكاتها وخروج قوات نابليون منها عادت الحياة لأهلها وقامت الدولة العثمانية بترميم ما دمره الفرنسيون وبدأت المدينة باستعادة حياتها الطبيعية. ويرى الباحث الفلسطيني محمود يزبك أن بداية التطور والحداثة في يافا بدأت عام 1805 وازدهرت المدينة في ظل حكم محمد أبو نبوت الذي قام بسلسلة من الإجراءات العمرانية التي لا تزال آثارها ماثلة للعيان رغم الغزو الثاني والأخير في عام 1948 وسقوطها بيد العصابات الصهيونية. ومن الإجراءات التي قام بها أبو نبوت كان بناء المقبرة الإسلامية وسبيل الشفاء وجامع يافا والمكتبة المحمودية التي الحقت بالمسجد، وأصلح أبو نبوت الطواحين السبعة في المدينة، وبنى مرسى للسفن وكاسرا للأمواج، وحصن المدينة وبنى حولها خندقا وشهدت المدينة تطورا عمرانيا وأصلح الأسواق. واهتم أبو نبوت بزراعة البرتقال وبتطوير الميناء، حيث أصبح البرتقال أهم منتج للمدينة ومع تطوره وتطور شبكاته المعقدة من الزراعة والعناية والري وإدخال الأدوات الحديثة إليه تطورت حركة الميناء حيث أنشأ أبو نبوت اسطولا من القوارب أو الفلوكات من أجل نقل المحصول الزراعي إلى السفن الراسية في عرض البحر. ومع ازدهار الزراعة وتطور حركة الميناء زاد اهتمام الدول الأجنبية التي بدأت بإرسال القناصل لرعاية المصالح التجارية وخدمة رعايا هذه الدول. ومع افتتاح طريق يافا- القدس عام 1868 زادت حركة التجارة بين المدينتين وكانت تعمل على الخط ما بين 30- 40 عربة لنقل المسافرين. ووصل برتقال يافا إلى إسبانيا والبرتغال وفرنسا بعدما انحصر في البداية في السوق المصرية وتركيا خاصة عاصمة الخلافة اسطنبول.
أرض البرتقال
ويذكر يزبك أنه بعد حملة إبراهيم باشا في عام 1830 اصبحت يافا المصدر الرئيسي للبرتقال لمصر، ولاحظ يزبك إنه على خلاف الحملة الفرنسية لم يلمس إبراهيم باشا البنية التحتية ولم يؤثر على الحياة الاقتصادية في المدينة. وبلغة الأرقام كانت يافا تصدر البرتقال بالملايين، ففي عام 1856 صدرت يافا للخارج 30 مليون حبة برتقال. وبلغ عدد البيارات في عام 1873 420 بيارة، وفي عام 1880 صدرت يافا 36 مليون حبة برتقال. ومع تطور الحياة الاقتصادية تحولت يافا لقلب الحياة الثقافية، فبالاضافة لموسم النبي روبين السنوي الذي كان يعقد بنهاية الصيف، قرب مقام النبي روبين حيث يتحول إلى مدينة من الخيام يؤمه كل عام ما بين30-50 الفا من الزوار، وتقام فيه المسارح ودور العرض السينمائي المفتوحة، وكان يحضر كبار المغنين العرب للمهرجان السنوي هذا. وظلت يافا عاصمة الصحافة الفلسطينية حتى النكبة حيث صدر فيها ما بين 1910-1948 50 صحيفة ومجلة، وكانت أولى الصحف وهي ‘الترقي’ قد صدرت عام 1907 ثم ‘الاصمعي’ 1908 و ‘الاعتدال’ 1910 و ‘الحرية’ 1911 و’فلسطين’ التي اصدرها عيسى العيسى حتى النكبة وكانت أشهر الصحف الفلسطينية وصدرت بعد النكبة في القدس عام 1950 ثم بعد ذلك في عمان. وكانت يافا مدينة تحفل بالمقاهي الثقافية حيث ذكر صاحب موسوعة يافا إن عدد المقاهي قبل النكبة وصل 70 مقهى.
يافا للأبد
هذه يافا قبل أن تتعرض لغزو التتار الجدد، ولا نكاد ننسى يافا حتى نتذكرهاـ إما بكتاب أو مذكرات أو مقالات ودراسات وأشعار وفي الكتاب الجديد الصادر في عمان ‘يافا للأبد’ والذي أعده وقدم له عدلي مسعود الدرهلي، شهادات عن يافا في ذروة حياتها الثقافية وشهادتان عن حس الخيانة للمدينة التي تركها جيش الإنقاذ والمتطوعون العرب تواجه قدرها وحدها بدون دعم فيما انشغل هؤلاء ببنات الليل والشرب ونهب المدينة قبل مغادرتها تاركين سكانها لقدرهم. والشهادات الثلاث تقدم صورة عن الحياة.
قصتي مع الصحافة في يافا
الصحافي الفلسطيني وابن القدس ناصر الدين النشاشيبي خصص جزءا من كتابه الصادر عام 1983 ‘قصتي مع الصحافة’ للحديث عن بداياته الصحافية في يافا، ويتحدث كيف عاد لفلسطين بعد تخرجه من الجامعة وكان شابا طامحا للعمل في الحكومة ولا يريد الكتابة باسم الحقيقي ليقنعه عيسى العيسى كي يكتب تحت اسم مستعار ‘فيكتور بومن’ (ترجمة حرفية لاسمه) حيث استغل الاسم لينتقد الإنكليز وسياساتهم و’يلعن سنسفيلهم’ على حد تعبيره. ويكتب النشاشيبي عن الحياة الثقافية في يافا في أواخر الإنتداب ‘كنت أذهب إلى يافا كما يذهب الطير إلى عشه والطفل إلى أمه والعريس إلى ليلة عرسه’ ويقول إنها كانت تملك أندية ومسارح، وملاعب هوى، وكان أهلها أكثر أهل فلسطين ثراء بسبب البرتقال اليافاوي. ويقول النشاشيبي أن أهم مميزة تميز صحافة يافا أنها كانت عربية اكثر منها فلسطينية، فصحيفة فلسطين كان رئيس تحريرها يوسف حنا المصري، وأبرز كتاب صحيفة الدفاع كان السوري سامر السراج والشاعر والكاتب السوري السعودي خير الدين الزركلي. ويقول النشاشيبي إنه لم يكن ليترك يافا للقاهرة لولا أن سقطت هذه المدينة في النكبة عام 1948 فقضت على عروبتها وصحافتها. وما يميز المختصر الذي كتبه النشاشيبي عن الأيام الأخيرة في يافا هو عذوبة اللغة، وخلطه الجدل بالهزل، هنا مدينة تقف على أعتاب الكارثة تتقاتل صحفها فيما بينها في ‘حرب البرتقال’ وهو النزاع الذي جرى بين مصدري البرتقال وأصحاب البيارات ودفع كل طرف منهم أموالا لمحرري الصحف كي يقفوا معهم، فهذا دفع لصحيفة ‘الدفاع’ وذاك دفع لصحيفة ‘فلسطين’ وكل طرف حاول القتال نيابة عن الطرف الآخر. كان النشاشيبي يذهب ليافا، يسبح ويرتاد المقاهي المعروفة وفي المساء يلتقي مع اصدقائه حيث كانوا يتنادرون حول حدود الصحافة وهل يكتبون لتجار برتقال لا يقرأون الجرائد إلا بعد الظهر لمعرفة أسعار البرتقال ولا يرتادون المقاهي إلا لرؤية عمالهم وتسليمهم أجورهم. وفي ظل هذا الوضع العبثي كان الصحافيون لا يخلو بعضهم من نرجسية، فيوسف حنا كان لا يرى صحافيا في الشرق إلا هو وابراهيم الشنطي محرر الدفاع كان مغرما بكتابة الوجدانيات ويحب وضع أسئلة في عناوينه، فإذا سافر المندوب السامي يكتب مقالا ‘هل سيعود المندوب السامي؟’ وهكذا ‘هل تسقط يافا ولماذا سقطت؟’. ما يجمع الشهادات الثلاث هو اتفاقها على حس الخيانة الذي تعرضت له يافا. فقد سطا اليهود على قطار للأسلحة تابع للبريطانيين الذين كانوا يستعدون للرحيل عن فلسطين وتركها لمصيرها. في مقابل تحضير اليهود لأنفسهم كان المتطوعون العرب كما يقول النشاشيبي ‘يحاربون بروح الهواة لا بتنظيم العسكر، وكانوا كما يبدو يومذاك يعشقون الخمر ويتعاطو المسكرات بدليل إنه كسروا جميع محلات الخمور في مدينة يافا واستولوا على ما فيها’، و’عندما تم لهم ما أرادوا انسحبوا بهدوء برا وبحرا وعادوا إلى رام الله وغزة وصيدا، محملين بأثمن زجاجات الويسكي وأعرق قارورات النبيذ المعتق’. ويذكر النشاشيبي كيف استقبل المصريون الذين هربوا من يافا حيث وضعوا في معسكرات مكشوفة ومحاطة بالأسلاك الشائكة وتركتهم تحت الشمس المحرقة لمدة ثلاثة أشهر كاملة ‘هذا- يا فندم- الروتين وبكرة إن شاء الله تفرج وترجعوا لبلدكم ولكنها لم تفرج ولم يعد أحد لبلد. ويشير النشاشيبي إلى استدعاء مساعد الحاكم العسكري لعدد من الشبان الفلسطينيين وأخبرهم أن الحاكم البريطاني المستر فوللر قد ترك منصبه والتحق بعمل جديد في شركة نفط العراق ‘ولكن مسؤوليتي بعد عشرين يوما فقط عندما ينتهي الإنتداب البريطاني وتخرج بريطانيا نهائيا من أرض فلسطين’. وأخبرهم المسؤول بضرورة تشكيل مجلس محلي لأن لديه معلومات أن قوات الهاغانا كانت تخطط للهجوم على المدينة.
تقرير صلاح الناظر
كان صلاح الناظر واحدا ممن اجتمعوا مع المسؤول البريطاني وفي تقريره يقدم تقييما للأسباب التي دعت لسقوط يافا وهو يحمل بصراحة المتطوعين العراقيين الذين كانوا يحرصون على جمع المال وصادروا أسلحة المدنيين وباعوها. ويذكر صور الوعد والوعود التي تلقتها الوفود من يافا التي كانت تذكر اللجنة العربية في دمشق بخطورة الوضع في يافا وقلة السلاح والجنود الذين لم يكونوا قادرين على تبديل من قضوا ليلتهم في الحراسة. ويتذكر الناظر مشهدا عن سوء الإدارة واللا إبالية التي وصلت درجة التهكم من أهل يافا. فعندما طلب عضو وفد ضم رئيس البلدية يوسف هيكل وأعضاء في اللجنة القومية والمسؤولين عن الدفاع ومنهم محمد نمر عودة من طه الهاشمي المسؤول العسكري في دمشق اسلحة خفيفة وذخائر، حمل سماعة الهاتف وأخذ يتحدث بلغة تهكمية ‘هالو أسلحة أتوماتيكية وذخائر كثيرة متوفرة حالا إلى يافا’ ولم يسع الوفد سوى مغادرة المكان والعودة ليافا لمواجهة الكارثة. وتكشف شهادة الناظر تآمر العرب على فلسطين، فقد كان الفلسطينيون يواجهون عدوا من العصابات اليهودية ذات العتاد الجيد، وجيوشا عربية ومتطوعين فاقموا من وضع ومعاناة الفلسطينيين وعجلوا بالنكبة. في الجزء الثالث والأخير من يقدم رواية تتساوق مع الجزئين الأولين، وهي التي أعدها محمد سعيد اشكتنا والتي نشرت في القدس عام 1964 تحت عنوان ‘أسرار سقوط يافا’ ورواية اشكتنا وإن تحدثت عن تسلسل الأحداث إلا أنه يشير إلى مشكلة الزعامة الفلسطينية التي كانت تعتبر داء الحركة الوطنية الفلسطينية. وأدى النزاع عليها لشل الحركة الوطنية، بل وعزز المؤامرات اليهودية والإنكليزية من الإنقسام، وشجعت القتل والإغتيال للزعماء السياسيين والصحافيين مثل هاشم السبع. ويلقي اشكتنا اللوم على الحاج أمين الحسيني. وشعورا بالخطر المحدق في يافا بدأ قادتها وسكانها يخططون لحمايتها وأنشأوا اللجان القومية، ولكن أعضاء اللجنة لم يكونوا على قلب رجل واحد بل كانوا كما يقول ‘من أعجب خليط في الآراء والمذاهب السياسية’، فمنهم من كان يدين بالولاء للحاج أمين، ومنهم من كان مع أحمد حلمي عبد الباقي، أو مع موسى العلمي، أو الإخوان المسلمين بل ومع الشيوعيين. ورغم أن يافا ومنطقتها لم تكن منظمة ويافا بدون سلاح إلا أن هذا لم يمنع الشيخ حسن سلامة، القائد الفلسطيني والذي شارك في كل ثورات فلسطين من التهديد باحتلال تل أبيب وهو تفكير غير واقعي على ما يبدو في تلك الفترة. ولعل الموقف نفسه كان يطبع موقف اللجنة العسكرية التي عينتها الجامعة العربية، فقد كان موقف القائد عبد الوهاب الشيخ علي من الوضع وتقييمه له في واد والجامعة في واد آخر. وهو ما دعا الشيخ علي للإستقالة فعينت الجامعة بدلا عنه عادل نجم ومساعده إبراهيم الأعظمي الأسوأ من آمره، فقد كان أهل يافا بخير قبل قدوم الآمر الجديد ‘إذ كانت القوى التي وصلت لحماية المدينة أكبر أداة لهدم يافا الحبيبة وانهيارها وتسليمها للأعداء’. ولا تختلف رواية اشكتنا عن الناظر أو النشاشيبي إلا في حرارتها ولغتها الغاضبة حيث يتهم المتطوعين العراقيين الذين سلبوا السلاح من السكان وباعوه وقضوا لياليهم في المباغي. ويقول اشكتنا ‘إني أتهم الهيئة العربية العليا واللجنة العسكرية التابعة للجامعة العربية بدمشق بالإهمال في مأساة فلسطين لدرجة تحميلها مسؤولية ضياع يافا وضياع ذلك الجزء الكبير من أرض الوطن الحبيب’ ويعدد الأسباب ومنها ذكرنا بعضه أعلاه من صم أذان القادة في دمشق لمطالب الوفود التي شرحت وضع المدينة المأساوي وعدم وصول تعزيزات عسكرية باستثناء فوج من 300 مقاتل دخلوا المدينة قبل سقوطها بشهرين وغادروها قبل سقوطها بإسبوع واحد في 7/5/1948. ويشير إلى نفاق القادة حيث يقول ‘تسلم فوزي القاوقجي مهمة الدفاع عن يافا ولكنه لم يأت إليها ولا اقترب منها وأخذت إذاعته تذيع بيانات تقول إنها دكت حصون مستعمرة نيتر..’. يحفل الكتاب بقطعة من تاريخ يافا وعطرها من أقوال الشخصيات الشعرية والفكرية والسياسية التي تحدثت عنها، وصور من الذاكرة وأغنية فيروز التي كتبها الأخوان رحباني ‘أذكر يوما كنت بيافا..’.
إعلانات جريدة فلسطين
وضمن الكتاب صفحات من جريدة فلسطين من أعدادها الصادرة في عام 1932، وصفحات تتحدث عن تاريخ البرتقال وأهميته وأثره على الإقتصاد والتقنيات التي دخلت على تعبئته حيث يناقش كاتب المقالة أن أول من استخدم الصناديق في تعبئة ونقل البرتقال كانت التجار اليونانيين الذين تركوا أثرهم على مصطلحات تجارة البرتقال مثل ‘استيفادور’ أي الشخص الذي يعبئ صناديق البرتقال و ‘كوماندا’ مدير المشغل. ومن الأخبار الطريفة التي وردت في صحيفة ‘فلسطين’ ما نقلته عن مجلة ‘المقطم’ المصرية تحت عنوان ‘البرتقال والنزلات الشعبية’ شكوى أحد الضباط المصريين المتقاعدين والتي جاء فيها ‘سلاما واحتراما وبعد اطلعت في المقطم على خبر جاء فيه أن أهل فلسطين ويافا قرروا عدم إرسال البرتقال لمصر لفداحة الضريبة عليه بعد التجربة التي جربها واحد منهم، وأنا أقول بدوري إذا لم تتلاف حكومتنا السنية هذا الأمر وتخفف الضريبة فالأمراض والنزلات الشعبية لأن البرتقال والتفاح دواء عظيم النفع للحمى المنتشرة في القطر المصري وهذا رحمة بأفراد الشعب الفقير وكما لا يخفى والفقير محروم من هذا الصنف لارتفاع ثمنه’، وفي خبر آخر عن شجار حدث أثناء حفلة لمحمد عبد الوهاب واعلانات عن مسرحية ‘الإستعباد’ على مسرح أبو شاكوش، واعلانات عن مسهلات ‘فينامنت’ ومرهم ‘الزمبوك’ ولزقة ‘الكوكس’ وقاتل الذباب والناموس ‘فليت ووكلاء شركة الشفرولية والتي يبشر فيها أصحاب الوكالة ‘طنوس أخوان’ أن اسعار الشفرولية لا تزال على ما هي قبل هبوط الجنيه الفلسطيني، واعلانات دخان سلطان ‘مذهب وسادة’ ووكلاء بيع دهان الأحذية ‘كيوي’. وهي صور عن الحياة الثقافية والتجارية التي تعني مؤرخ الحياة الإجتماعية في فلسطين قبل النكبة، وأخيرا من الشعارات التي حفلت بها صحيفة فلسطين هي تشجيع العامل الفلسطيني ‘شغلوا العامل الفلسطيني: لا تأكلوا إلا من الدقيق المصنوع في بلادكم’.
معلومات الكتاب:
يافا للأبد كما عايشها: ناصر الدين النشاشيبي وصلاح الناظر ومحمد سعيد اشكتنا
تقديم عدلي مسعود الدرهلي
المؤسسة العربية للدراسات والنشر- بيروت 2013
ناقد من اسرة ‘القدس العربي’

العصابات الصهيونيه سرقت ونهبت كل شيء في يافا بعد تهجير سكانها الاصليين (فلم يروي حكاية المدينة)

كتب احمد زكي العريدي

فيلم يافا للمخرج رائد دزدار يرد على كذبتهم ارض بلا شعب

حرص المخرج رائد دزدار في عرض فيلم يافا على انعاش الذاكره الفلسطينيه والعربيه ان هنا شعب (في يافا دمرته وهجرته العصابات الصهيونيه عام ٤٨ .

وكان المخرج دزدار يرد بفلمه على مقولة الصهيونيه ارض بلا شعب لشعب بلا ارض وفق تصريحاته

حيث استعرض المخرج جميع مناحي الحياة الفلسطينيه قبل عام ٤٨ في المدينه صادراتها ووارداتها ومصانعها ومسارحها وحكاية سفريات الفلسطينيين من يافا الى بيروت كل ذلك قبل ان تتمكن الحركه الصهيونيه بعصاباتها من السيطرة بقوه السلاح على المدينه التى تلقب بعروس فلسطين او عروس البحر حيث اغتصبت المدينه عام ٤٨ وهجر معظم اهلها بقوه الرصاص والقتل والهدم.

وقال المخرج دزدار لوكالة الانباء العمانيةانه استعرض معلومات عن تاريخ يافا لم تكن معلومه على نطاق واسع وهدف الى تعريف المشاهد عن تاريخ المدينة وفلسطين في مناحي الحياة( الثقافة والادب والرياضه ).

و ابرز المخرج والمؤرخ دزدار في سيناريو ومشاهد فلمه ان يافا كانت اهم مدن فلسطين بعدالقدس من عدة نواحي (الاقتصاد الادب الثقافه الميناء المسارح البناء المعماري )فهي بوابة فلسطين للعالم

وقال ان ما دفعه للتركيز في فلمه على يافا كون المدينة لم تاخذ حقها في التوثيق التاريخي ولهذا لجأ الى اخراج فلمه عن حياة المدينة قبل عام ٤٨ من القرن الماضي

موضحا ان اخراج فلمه( عن المدينة التى دمرها نابليون عام ١٧٩٩ميلادي و ثانية عام ٤٨) كان تحدي كونه يروي احداثا وقعت قبل ٧٣عاما

وواجه المخرج صعوبة في تجميع ارشيف فيلمه كون الارشيف الفلسطيني سرق ونهب من الاسرائيليين وبصعوبة كبير ة استطاع جمع ارشيف من ضيوفه في الفيلم وشراءه بعض الثواني من الخارج

لكن دزدار لجأ الى الارشيف العائلي لسد الفراغ في انتاج واخراج فيلمه بالاعتماد على مقتنيات الضيوف والصحافه الفلسطينيه والروايات الشفوية التى مازال عدد من شخوصها احياء حتى الان.

وتوضح احداث الفيلم ان يافا كانت تلقب ام الغريب فكل من يطأارضها يعمل ويستثمر في العمل والمشاريع الاقتصاديه حيث كانت من اهم المدن الاقتصادية

فيافاامتازت بتصدير البرتقال لكثرة مزارعها النموذجيه كان برتقاله يافا علامه تجاريه من (الشموطي ،البلدي لابو صره )

مزارع يافا سقيت من نهر العوجا وغيرها من مواردها المائيه وكان لانتاجها الزراعي المذاق اللذيذ وتغنى بها الفلسطينيون وبكوا على تاريخا مضاعا

ويوضح الفيلم ان يافا شهدت حركة ثقافيه وعلميةوفنيه وزارها الفنانين اللذين نشطوا في تلك الفترة امثال يوسف وهبي وعبد الوهاب وام كلثوم والمطربة اللبنانيه.صباح وغيرهم وما ساعد في ذلك بتعددالمسارح ودور السينما والمراكز الثقافيه التى كان اهالى المدينه البالغ عدد سكانهم انذاك ما يقارب ١٢٠الف تواقون لهذه النشاطات اليوميه حتى وصل عدد دور السينما في المدينه الى ثمانيه .

وبين المخرج انه في عام ١٩٣٩ انشات بريطانيا محطة اذاعية الشرق الادني وهي الاذاعه الثانيه بعد اذاعة هنا القدس وعمل بها كبار الكتاب والمتعلمين والمثقفين والادباء كما يروي دزدار منهم صبري الشريف مديرالقسم الموسيقى في اذاعة الشرق الادنى بعد هجرته لعب دورا في نهضة موسيقيه في لبنان واسس مسرح بعلبك

ويعتبر حسب الرواة في الفلم انه الاخ الثالث للاخوين رحباني واخرج معظم مسرحيات فيروز واسس مسرح بعلبك اللبناني

لكن الحياة المستقره في يافا لم تدم طويلا ففي مايو ٤٨ فجرت الارغون الصهيونيه مبنى السرايا في يافا ودمروها واستشهد العشرات وجرح المئات واستخدم اليهود كافة اشكال الارهاب ضد المدنيين العزل في المدينة .

واكد دزدار ان دور الفيلم هو ابراز تفاصيل ونبض الحياه بفلسطين والتي. قدمها من خلال الذاكره الجمعية لابناء يافا .

واجمع المتحدثون في الفيلم التاريخي يافا كيف استخدم اليهود المسلحين (العصابات الصهيونية)وانطلاقا من تل ابيب قصف مدينةيافا بقنابل الهاون والمورتر واطلاق النار والتفجيرات ادى ذلك الى الهجره بعد تكثيف القصف على المنشيه في يافا فمنهم من ركب البحر هربا ومنهم راجلا او من توفر له الباصات او اتيح له ركب السيارات والحيوانات

وفي النهاية قال المخرج السينمائي دزدار انه لو لم تحصل النكبه لكانت يافا من اعظم من مدن البحر الابيض المتوسط ولكان سكانها اليوم يضاهي مليون ونصف المليون فلسطيني .

مؤكدا ان التهجير وهدم يافا بدا منذ ان دمر جيش الانتداب البريطاني البلدة القديمه وان التهجير اسس له في زمن الانتداب واكمله الصهاينة للسيطرة على مدينة يافا